مفهوم التقنية بين الثقافة والطبيعة لدى جيلبرت سيموندون: قراءة فلسفية معاصر

الملخص

يهدف هذا البحث إلى إنجاز مقاربة فلسفية لمفهوم التقنية وعلاقتها بالثقافة من منظور الفيلسوف الفرنسي جيلبرت سيموندون، إذ إن أفكاره اكتسبت أهمية كبيرة في خضم التطور الهائل للتكنولوجيا الرقمية وثورة المعلومات التي وسمت المشهد الإنساني والثقافي الراهن. ولذلك جاءت هذه الدراسة باستخدام المنهج التحليلي النقدي لتوضح محاولات سيموندون توطين التقنية في الفعل الإنساني اليومي، بحيث يكون فعلاً متسقاً مع الطبيعة البشرية ومغذياً للجانب الثقافي بدلاً من علاقة التضاد. سؤال سيموندون الأساسي الذي يهتم به هذا البحث هو "ما مكان التكنولوجيا والعمليات التقنية المرافقة لها في حياتنا"؟ وهل سنعتبرها شيئاً سلبياً وخطراً، وبالتالي نحن بحاجة إلى التخلص منها والعودة إلى عصور ما قبل التكنولوجيا، أم سنعتبرها أفضل شيء حصل لنا وأنها قادرة على حل جميع مشاكل الإنسان وبالتالي وجب تطويرها؟ جاءت إجابات سيموندون عن تلك الاسئلة كالآتي: أولاً: عبر مراجعة فلسفية نقدية لمفهوم التقنية من خلال العودة إلى تفسير أرسطو لما هو "موجود" عبر نموذج الهيلومورفيزم *Hylomorphism إلى هايدغر مروراً بماركس وبيرغسون. وثانياً: عبر كشف العلاقة الجدلية بين الثقافة والطبيعة والتي لم تحظ بتحليل وافر يفضح ما يتوارى خلف هذه العلاقة، ويقف عند نقاط التقارب بينهما بغرض التفكير في إرساء بنيان فلسفي متماسك يردم الهوة التي جعلت الإنسان يشعر بتهديد لوجوده، وبمساس بإرادته الحرة محاولاً باستمرار تجاوز حالة الاغتراب التي يشعر بها إثر انخراطه في مجتمع تقني هو من أرسى قواعده وابتكر آلاته، لكنه يخاف من فقدان قيمته فيه كذات عارفة وصانعة أمام هيمنة الآلة وسلطتها.